السبت، 28 يونيو 2014

من أنا ؟!

جلست أتابع أمواج الشاطئ كطفل صغير هادئ أمرته والدته أن يظل فى مكانه بجانبها ولا يتحرك حتى لاتسقط على رأسى الصغير غضبها الكبير ... على يمينى أطفال صغار يلعبون بالرمال ويصنعون بها بيوتاً صغيرة ... وعلى يسارى شباب كبار يمررون الكرة فى مابينهم بمرح وتنافس ... انا لا أنتمى لهؤلاء ولا لأولئك ....شاركتنى الأمواج تمردى ... تمردى على واقع ليس لى أى يد فيه !
نظرت خلفى وأنا أتوجس خيفة أن ترانى أمى ... وسحبت جسدى الكبير المترهل إلى الأطفال الصغار ورسمت على وجهى أحد أعذب إبتساماتى وأنا أقول : هل لى أن ألعب معكمـ ؟!
نظر لى كبيرهمـ بعين واحدة بينما أغلق الآخرى ووضع عليها يده الملطخة بالرمال تجنباً لضوء الشمس الساطع وقال : حذرتنى أمى من اللعب مع الكبار !
فقلت بإبتسامتى : ولكننى لست كبيراً ... أنا صغير مثلك !
نظر لى بعدم فهمـ وهو يتفحص جسدى الكبير فقلت فى محاولة أن افهمه : اسمى "رامى" جسدى كبير كجسد آخى "مصطفى" لكن عقلى صغير مثل عقل آخى "عمر" !
نظر لى الطفل ببلاهة ورفع جانب شفتيه بسخرية ... فقلت وأنا أجاهد الدموع فى عينى : لا أحد يريد أن يلعب معى ... أرجوك العب معى لو لمرة واحدة فقط ... لن أخرب شئ أعدك !
تنهد الطفل وشاور زميله الذى قال : اجعله يلعب معنا لكى يحضر الماء من الشاطئ فقد تعبت من الذهاب والمجئ ..
فوافق الطفل على مضض وأعطانى الدلو آمراً : إملأه إلى أخره ..
فضحكت وأنا أجذب الدلو من يديه بسرعة وجريت نحو الماء ... ملأته كله وعدت وأنا أجرى ايضاً مما تسبب فى فقد نصف ما ملأته ..
أعطيت الطفل الدلو فنهرنى قائلاً : أهذا كل ما استطعت أن تحمله ... يالك من طفل صغير ... إذهب واملأه إلى آخره .
تغاضيت عن عصبيته فيكفينى أن ألعب معهم فجريت ثانية إلى الماء وملأت الدلو كله وسرت ببطء كى لا تتساقط المياه من داخله ...وما إن وصلت حتى قلت له بحماس : تفضل هاهو الدلو مملوء إلى آخره ..
ولكن قبل أن أتم جملتى تعثرت فى حجر جعلنى أقع على وجهى وأهدم القصر الرملى كما إننى كسرت الدلو ...
نظر لى الطفل وأصدقائه بغضب وأخذوا يلقنونى بالشتائم النابية والسباب قبل أن تأتى أمى ... وتعتذر منهم وتضربنى أمامهم واعدة إياهم ألا اقترب منهم مرة آخرى .... ثم سحبتنى فى عنف إلى جانبها وأجلستنى قائلة فى عصبية واضحة : إياك أن تتحرك من جانبى مرة آخرى ... يكفى انك بللت ثيابك !
جلست بجانبها فى هدوء ... ثم فكرت أن أغافل والدتى واتجه للكبار تلك المرة ... ثمة أمل فى داخلى ان أصبح كبيراً يوماً ما ... أو أن يتقبلنى طفل صغير ويجعلنى ألعب معه .... أو ربما كانت الوحدة أفضل لى على أى حال .. المرء لا يؤذي أحدا إذا ما عاش وحده , كما أنه لا يدمر حياة الآخرين .... ولا يدمر مشاعره !
‫#‏صفا_ممدوح‬
كل سنة وانتم طيبين رمضان كريم علينا وعليكم يارب انتظروا بكرة بإذن الله روايتى الجديدة ملك يديها ^^